الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

العولمة الاعلامية وتأثيرها على لغة الاعلام


بسم الله الرحمن الرحيم






إن لغة الإعلام في عصر العولمة لا تستقر على حال، فهي في تطور مستمر لا يكون دائماً في خدمة اللغة, ومع ذلك فإننا لا نملك أن نعزل أنفسنا عن تيار العولمة، أو ننأى بلغتنا عن (الإعلام العولمي ) .ومهما كان حكمنا على العولمة، ومهما يكن رأينا فيها، فإنها تتيح فرصاً كثيرة لكل من يرغب في تطوير لغته، حيث تقدم الاقمار الاصطناعية والصحون اللاقطة والإنترنت والبريد الإلكتروني والحاسوب، كل ما من شأنه نشر اللغة العرب والحفاظ عليها بل والارتقاء بها.
ولكن في ظل هذه الثورةالعلمية والتقنية الواسعة في مجال وسائل الاتصال تظل الاخطار محدقة بلغة الضاد نتاج ما يقدم لهذا الجيل من ثقافات عربية.. ركيكة.. وسطحية بلهجات عامية محلية أو عربية هجينة تأثرت بالأنكليزية أو الفرنسية عبر الوسائط الإعلامية مثل التليفزيون والفيديو والإنترنت. الامر الذي من شأنه أن يدخل الفاظاً خاطئة أو جديدة على اللغة ويقدمها للناشئة كلغة صحيحة ومعتمدة لا غبار عليها وما ذلك إلا نتيجة ثقة المجتمعات وانبهارها بكل ما يقدم في وسائل الاعلام .

اللغة كائن حي يخضع لقانون النمو
إنّ التطوّر أصلٌ أصيلٌ في حياة اللغة بما هي كائن اجتماعي، وأساس التطور هو الوجود البسيط أولاً، ثم النماء المترقي ثانياً، وخلال هذا الانتقال يتكون الكائن مترقياً، ويتغير تغيرات مندرجة
[1].
إننا لا نفهم التطور بمعنى القطيعة مع التراث، والاقتلاع من الجذور، وتجاوز الأصول والثوابت. ولذلك فإنَّ الرأي الذي نعتمده في هذه القضية، هو تطور اللغة في إطار خصائصها وضوابطها، وبمنهجية يضعها اللغويون.
للتطور اللغوي مستويات..
المستوى الأول: تطوير اللغة من الداخل ، من خلال الاشتقاق والنحت والتجوز والتوليد والتعريب، وهذا الضرب من التطوّر بطيء بطبيعته.
أما المستوى الثاني: فهو تطوير اللغة من الخارج، ونقصد به التأثيرات الضاغطة التي تفرض التصرّف في اللغة قلباً وتحويراً، وحذفاً وإضافة، وإفساداً وتشويهاً وهذا الضرب من التطور قَسْريٌّ وقهريٌّ، لأنه مفروض بقوة الواقع، أو تحت تأثير غزو فكري يستصحب غزواً لغوياً.
ولم تعرف اللغة العربية عبر تاريخها الطويل ما تعرفه اليوم من سرعة في النموّ، واندفاع في التطوّر لأسباب متعددة، لعلَّ أقواها تأثيراً، النفوذ الواسع الذي تمتلكه وتمارسه وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية .

كما أن العلاقة بين اللغة والإعلام لا تسير دائماً في خطوط متوازية, فالطرفان لا يتبادلان التأثير، نظراً إلى انعدام التكافؤ بينهما فقلما تفرض اللغة نفسها على الإعلام، وإنما الإعلام هو الذي يهيمن على اللغة، ويقتحم حرمها، وينال من مكوّناتها ومقوماتها، فتصبح أمام عنفوانه وطغيانه، طيّعة لينة، تسير في ركابه، وتخضع لإرادته، وتخدم أهدافه، ولا تملك إزاءه سلطة ولا نفوذاً.
ونتيجة لأسباب وعوامل كثيرة، اقتصادية وسياسية وثقافية، انتهى الأمر إلى ضعف اللغة العربية وهيمنة اللهجات العامية المحلية عليها،وقد ترتَّب على هذا الوضع الذي وصلت إليه اللغة العربية، أن دخلت عصر الإعلام الواسع الانتشار، وهي تعاني من ضعف المناعة، مما أدَّى إلى هجوم مكتسح وغزو جارف لما يطلق عليه (لغة الإعلام)، على اللغة الفصحى، فوقع تداخل بين اللغتين الفصيحة والعامية، تولَّدت عنه لغة ثالثة هجينة ما لبثت أن انتشرت على نطاق واسع والتي صارت لغة الإعلام المعتمدة.

وقد تميزت هذه اللغة بأنها واسعة الانتشار انتقل بها الحرف العربي إلى آفاق بعيدة، ولكن الخطورة هنا، تكمن في أنها تحل محل الفصحى، وتنتشر بما هي عليه من ضعف وفساد باعتبارها اللغة العربية التي ترقى فوق الشك والريبة. وبذلك تكتسب هذه اللغة الجديدة (مشروعية الاعتماد)، ويخلو لها المجال، فتصير لغة الحياة التي لا تزاحمها لغة أخرى من جنسها أو من غير جنسها وهنا تكمن الخطورة.

ولكن هذه الخطورة لا تمنع من معالجة الخلل وتطهير البيئة اللغوية من التلوث، وإفساح المجال أمام تنمية لغوية يُعاد فيها الاعتبار إلى الفصحى، وتستقيم فيها حال اللغة، بحيث تقوم العلاقة بينها وبين الإعلام على أساس سليم، فيتبادلان التأثير في اعتدال وفي حدود معقولة، فلا يطغى طرف على آخر,بحيث تبقى اللغة محتفظة بشخصيتها، ويظل الإعلام يؤدي وظيفته في التنوير والتثقيف والترفيه النظيف، فيتكامل الطرفان وينسجمان،فتصبح اللغة في خدمة الإعلام، ويصبح الإعلام داعماً لمركز اللغة وما تدريس مادة باسم اللغة الاعلامية لطلاب كلية الاعلام في جامعة صنعاء إلا خطوة عملية مهمة في طريق خلق هذا التوازن في ظل عشوائية العولمة.
و في هذا الصدد يطمئننا الدكتورعبد الهادي التازي
[2] بأن اللغة العربية كانت لتبقى، ولن تستطيع حضارة من الحضارات أن تُبعدها عن الساحة ما دمنا نعمل نحن على تطويرها وازدهارها وحسن استعمالها. وما دمنا جادّين في ملاحقة الجديد من القول لإغنائها بذلك الجديد، وكلّنا يعرف أنها أي اللغة العربية قادرة على استيعاب كل المميزات وكل الخصوصيات وقادرة كذلك على أن تسهم هي بدورها في مساعدة اللغات الحضارية الأخرى ... الأمر يتطلب فقط أن نقوم بالخطوات الأولى وأن نؤمن بأنَّ وجود غيْرنا معنا لا يمكن أن ينال من عزيمتنا وتصميمنا.




[1] أمين الخولي، مشكلات حياتنا اللغوية، ص : 46، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987، القاهرة.
[2] صراع اللُّغات في وسائل الإعلام , مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة / ع 93

هناك 5 تعليقات:

  1. السلام عليكم والله كلامك جواهر يا شكري نعيب زماننا والعيب فينا ساتواصل معك بعون الله

    ردحذف
  2. بسم الله الرحمن الرحيم اشكرك على كلماتك الرائعه و وحبك للغتك العربيه لغتنا العربيه جميله يكفي انها لغه القران ونتكلم بلسان الضاض ومع اسفي ان ادخال بعض الجمل الاجنبيه مع اللغه العربيه يعتبرها الناس انها من الرقي وفي بعض الدول العربيه يفضلو الفرنسيه على العربيه واقول لك نعمل سويا لانجاح واثبات الللغه العربيه الفصحى (جيفارا)

    ردحذف
  3. والله ما انا عارف كيف اتواصل معك يا شكري الفلاحي جيفارا

    ردحذف
  4. اخي الكريم جيفارا اشكرك على اهتامك بالموضوع
    يسرني التواصل معك على البريد الالكتروني
    dralfalahi@gmail.com
    في انتظار رسائلك

    ردحذف
  5. اشركرك اخي جزيل الشكر على ما اوردت عن بلدك الكريم وصنعاء الجميله الشامخه بجمالها واصالتها وسحرها كم نحن العرب مع اسفي نجهل بلاد عربيه في قمه الجمال والسحر والفن المعماري الاصيل في بلادنا العربيه هذا اليمن السعيد جيفارا

    ردحذف